بعيدا عن انظار الفضوليين، وباحدى حدائق مدينة الدار البيضاء يجلس شاب في مقتبل العمر بلحيته المسترسلة على مستوى صدره، يعزف على «القيثارة» موسيقى «البلاك ميتال» ومن حوله مجموعة من الفتيات والفتيان، يرتدون لباسا اسود اللون، رسمت فوقه رسومات غريبة، يحملون اقراطا في آذانهم بالنسبة للفتيان وفي الشفاه والحواجب والانوف للفتيات، ويحملون ايضا حليا وقلائد غريبة الشكل تمثل «الشيطان» كما قال مرافقنا الذي أكد لنا ان هؤلاء هم هدفنا في التحقيق الذي اجرته «الشرق الاوسط» واستطاعت الالتقاء بهم: انهم «عبدة الشيطان» في المغرب.
هم فئة قليلة، لحد الآن، يقول منير الذي رافق «الشرق الأوسط» طيلة انجاز هذا التحقيق، ويضيف: استطاعت هذه الفئة التغلغل في الثانويات بشكل كبير وتعتمد بشكل رئيسي على حب المراهقين لموسيقى البلاك ميتال لاستقطابهم الى معتقداتها، وهم يقيمون حفلات خاصة من اجل هذا الغرض. ويؤكد منير، الذي كان يداوم على حضور مثل هذه الحفلات ويمارس طقوس «عبادة الشيطان» ثم تركها، بسبب ضغط العائلة بدرجة اولى وبسبب عدم تحمله رؤية المشاهد والافعال التي كانت تمارس اثناء ممارسة الطقوس.
يحكي منير، ممسكا بكلتا يديه ومقطب الجبين، عن خطواته الاولى للدخول الى الطائفة قائلا: «كنت اهوى الموسيقى الغربية الى حد الجنون وفي سنة 1999 وهي عام دخولي الى الثانوية التقيت بأصدقاء جدد يهوون العزف على القيثارة والتحقت بهم. واثناء ذلك تعلمت بدوري العزف على هذه الآلة ثم بدأت الدعوات تتوالى لحضور الحفلات الموسيقية الخاصة وشرعت في تقليدهم في طريقة لباسهم وقمت باطالة الشعر ثم تطورت الامور بعد ان كشفوا لي عن حقيقة كونهم من (الساتانيك) او (عبدة الشيطان)». ويمضي منير قائلا: «لم أكثرت في البداية فانا أؤمن بحرية الاشخاص في تحديد اختياراتهم في هذه الحياة، قاموا بدعوتي الى حفلاتهم مرارا إذ كانوا يمارسون طقوسهم من خلال رسم نجمة خماسية ومن حولها دائرة، ثم يشعلون الشمع ويتحلقون حوله ثم ينفض المجلس على ايقاعات الموسيقى الصاخبة التي كنت احبها».
توقف منير قليلا وامسك بكوب ماء وتجرعه دفعة واحدة قبل ان يواصل حكايته مع «الساتانيك»: «لم اكن اعتقد ولو لبرهة انني سأفترق عن أصدقائي رغم الضغوط التي كانت تمارسها علي اسرتي لتغيير طريقة لباسي والاهتمام بدروسي، الى غاية ذلك اليوم المشؤوم الذي طلبوا مني فيه الحضور لحفل خاص جدا، وعند حضوري تقدم زعيمهم الى فتاة وطلب منها ان تقوم بقتل قطة وانتزاع قلبها والرمي به بعيدا بعد ان ترسم عليه النجمة الخماسية وشرب دمها ارضاء لـ«الشيطان الاعظم». ولما فعلت الفتاة ما أمرت به أصبت بالفزع لبشاعة الموقف، ثم طلب مني فعل نفس الشيء وهو ما رفضته، وهرولت مسرعا الى بيتي ومكثت بغرفتي اربع ليال متتالية قبل ان أقرر فك ارتباطي بهذه الجماعة من دون رجعة».
من خلال لقاءاتنا مع العديد من هواة موسيقى «البلاك ميتال» وبعض افراد طائفة عبدة الشيطان، كانت مفاجأتنا كبيرة ونحن نستمع لحكايات غريبة لشاب اختار طريق «الشيطان» من اجل تفجير الكبت الذي يحول دون فرض شخصيته في المجتمع كحكاية مروان او «داني» كما يلقبه أعضاء طائفته الذي التقى بصديق برتغالي عمره 32 سنة وهو الذي وضعه على طريق الشيطان لاول مرة، وهو ما يؤكد ان هناك جهات أجنبية وراء نشر هذه الدعوة «الشيطانية».
حكاية داني كما جاءت على السنة اصدقائه تعد من اكبر الصور بشاعة لشاب اختار الانضمام الى «عبدة الشيطان» بكل جوارحه، فمروان يتيم الأب سمع الكثير عن «الساتانيك» وسعى كثيرا الى اللقاء بالبرتغالي «لويس» الذي نصحه، ان هو اراد ان يصبح «ساتانيك» ان يهين امه ويذبح قطة، وهو ما يرمز للطهارة، بما أن القطط في عقيدة الساتانيك هي حارسة الارواح، وأن يشرب من دمها ويطلي كافة جسده به، آنذاك سيتأتى له ما يريد، ومن دون تردد قام بكل ما نصحه به صديقه البرتغالي، وهو الآن اصبح من اتباع طائفة «الكوتيك» التي تعد من الطوائف المتشددة التي تشكل طائفة «عبدة الشيطان» عبر العالم.
اهم ما يميز اعضاء طائفة عبدة الشيطان كونهم لايغتسلون بالمرة بالنسبة للمتشددين منهم، والسباحة في الشواطئ من المحظورات بالنسبة لهم، وقتلهم للقطط ورميهم لقلوبها وهو ما يسعون من خلاله الى ارضاء «الشيطان» وبهدف الالتقاء به ولهم كتابهم الخاص الذي يتداولونه بينهم، كما اكد مرافقنا، عبر طريقة النسخ، فهم لا يتكلمون مع الآخرين الخارجين عن «دينهم» وان اضطروا لذلك فهم يحاولون ما أمكن التملص منهم بأية طريقة. وان أقسموا باسم «الله» فذلك دليل قوي على كذبهم لانهم لايؤمنون بالخالق، ويعتقدون انهم إن ماتوا فأرواحهم ستبقى معلقة بين السماء والارض ولن يحاسبوا على افعالهم.